المتابع لمباريات كرة القدم في بلدنا الحبيب وما يتم من نقاشات وحوارات على صفحات الانترنيت والمواقع الرياضية يخلص إلى شيء خطير جدا جدا جدا الا وهو اختلاط الرياضة بالسياسة حيث أصبح تشجيع بعض الفرق عبارة عن "تهمة" او في اسوأ الاحوال "عدم ولاء" . ويا ويلك لو لم تشجع الفريق الفلاني الذي "يمثل الاردن" في البطولات الخارجية؟ وكأننا في حرب ان لم تشارك فيها فإنك متهم "بالخيانة العظمى" ويجب قلعك وسحب الجواز منك ورميك في البحر حتى تأكلك الاسماك!!!
للأسف يا سادة يقود الهتافات على المدرجات بعض الاشخاص الذين لم يحصلوا على أي نصيب من الثقافة او العلم وقليل جدا من الاخلاق إن جاز لي التعبير .. بالله عليكم ماذا تتوقعون أن تنبلج قرائحهم عن هتافات؟ وهل نحن بمثل هذه السذاجة لننساق خلفهم؟ ونردد هتافاتهم بكل "عبط" ؟؟؟ وماذا عن الجامعات التي درسنا بها؟ وماذا عن سنوات عمرنا التي لم يعد فيها اكثر مما مضى؟ هل ننسى كل ذلك ونعود الى "الجاهلية" و "العصبية" المقيتة؟
تقزيم الوطن او الوطنية او الولاء والانتماء في هتافات كرة القدم له مدلولات مؤسفة جدا ويضعنا في متاهات لا نعلم كيف نخرج منها.
على الجميع ادوار هامة ومسؤوليات عظام وسنسأل امام الله إن لم نرفض تلك الهتافات او ذلك المنطق الذي يجعل مني خائنا لوطني وبلدي إذا لم اقم بتشجيع فريق كرة قدم مثلا؟
سأتحدث عن هتافين لأكبر فريقين اردنيين هما الوحدات والفيصلي وسأقول رأيي الصريح فيهما:
الوحدات:
الله الوحدات القدس عربية
بالطبع هناك موضوع خاص عن هذا الهتاف بقلم اخونا واستاذنا العزيز الشيخ زايد والذي يؤكد بأنه هتاف لا يجوز شرعا (يعني به مخالفة شرعية) ولكن للأسف لا تزال جماهيرنا تهتف به على الرغم من انه يضع على عواتقها احمالا قد تنوء بحملها الجبال؟ هذا من ناحية شرعية.
اما من ناحية وطنية فحسب رأي الجهة الاخرى بان فيه "عدم ولاء للأردن"؟؟ لماذا لأنه يتحدث عن القدس؟ والقدس "غير اردنية"!!!
أما من وجهة نظري انا فالقدس اكبر واجل من أن تذكر في مباراة كرة قدم قد نعطي الفرصة لبعض الرعاع من النيل من القدس (وهذا حدث بالفعل للأسف) التي تعتبر لكل عربي ومسلم من اقدس المقدسات وبهذا لا نسلم نحن من الاثم بالاضافة الى اثم من يسيء الى القدس ايضا.
الفيصلي: بصراحة سأتحدث عن هتافين وليس هتاف واحد
الهتاف الأول: هذا الاردن اردنا وابو حسين قايدنا
بالطبع الهتاف واضح ولا يحتاج إلى الكثير من التوضيح هذا اتهام صريح للأخرين بعدم "الوطنية" او "الولاء" للهاشميين حفظهم الله وعلى رأسهم جلالة الملك عبدالله الثاني ايده الله بتأييده ورزقه البطانة الصالحة. أي أن هذا البلد بلدنا وهذا الملك ملكنا نحن؟ واذهبوا أنتم ولتبحثوا لكم عن بلد وملك هههههههههههههه هل يعقل هذا يا عقلاء الفيصلي؟
الهتاف الآخر: الاردن اولا والفيصلي الزعيم
الفيصلي الزعيم لا مشكلة فيها .. في كل الدول العربية (بما اننا نحب الزعماء والتزعم والزعزمة) يقال عن أكثر الفرق فوزا بالبطولات بأنه زعيم .. لذلك لن نختلف على مثل هذه التسمية فهذا من حق جماهير الفيصلي.
الاردن اولا : (في فمي ماء وفي حلقي غصة) أتمنى أن نفهم معنى هذا الشعار الذي طرحه جلالة الملك منذ زمن ونطبقه والله ثم والله لكنا من افضل بلدان العالم !!!! ولكننا للأسف لا نستخدمه إلا لمعايرة الاخرين او التشكيك بوطنيتهم أوانتمائهم لهذا الوطن الحبيب!! ولو سألنا الذين يتغنون بهذا الشعار هل بالفعل تقدم مصلحة بلدك على مصلحة عشيرتك او نفسك او عائلتك؟ والجواب عندكم!!!
صدقا لو قمنا بعمل استبيان وحاورنا جمهور الفيصلي (الذين يتغنون بهذا الهتاف) لنسألهم ماذا يعني هذا الهتاف لفشلت نسبة طيبة منهم في شرح معناه اما النسبة الباقية فهي ستتكلم عن الوطنية والانتماء الى الاردن ...الخ ناهيك عن الخبثاء الذين سيقولون المعنى الحقيقي لهذا الهتاف والذي هو "الانتقاص من وطنية الاخرين".
الموضوع خطير يا اخوة وانا ادق ناقوس الخطر امام جميع الاخوة المسؤولين عن الرياضة وكرة القدم في الاردن لقد اصبح مقياس الشباب للوطنية هو فريق كرة القدم ولون الفريق الذي اشجعه؟ ماذا عن والدي وجدي رحمه الله لم يكونوا يشجعوا اي فريق ، وماذا عن جدتي رحمها الله وامي وزوجتي وابنتي اللواتي لا يشجعن أي فريق اردني هل لديهن ولاء؟ او انتماء؟ وماذا عن ملايين الاردنيين الذين لا يهتمون بالرياضة هل هم اردنيون؟
يكفينا يا سادة ولنترك الرياضة بعيدا عن "العنصرية" و"التعصب" ولننبذ كل من يعطيها اكبر من حجمها ويجعلها وسيلة لتفريق ابناء الوطن الواحد ونشر البغضاء والكراهية بين الاخوة .. وصدقوني لا يوجد فائز في هذه الحرب كلنا خاسرون فلا تعطوا اعداء الامة الاسباب لمزيد من التشرذم والتفرق ولنكن فعلا يدا واحدة وقلب واحد .. ولنتعامل مع الرياضة كنوع من "الترفيه" لا اكثر ولا اقل من ذلك.
ختاماً اسأل الله ان يحفظ بلدي الاردن وكل بلاد المسلمين وان يحفظ اخوتي واهلي ابناء هذا الوطن الجميل وان يبعد عنهم حقد الحاقدين ودسائس الماكرين.
ودمت يا وطني ودامت رايتك خفاقة في جميع المحافل
الإثنين يناير 28, 2008 9:47 am